فصل: من لطائف القشيري في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.أسئلة وأجوبة:

السؤال الأول: لم أخر الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدم عليها؟
والجواب: أن اليهود كانوا مقرين بأنه لابد في حصول النجاة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل، فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أنه لابد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود، وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل.
السؤال الثاني: ما معنى التعزيز؟
الجواب: قال الزجاج: العزر في اللغة الرد، وتأويل عزرت فلانًا، أي فعلت به ما يرده عن القبيح ويزجره عنه، ولهذا قال الأكثرون: معنى قوله: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي نصرتموهم، وذلك لأن من نصر إنسانًا فقد رد عنه أعداءه.
قال: ولو كان التعزير هو التوقير لكان قوله: {وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ} [الفتح: 9] تكرارًا.
السؤال الثالث: قوله: {وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضًا حَسَنًا} دخل تحت إيتاء الزكاة، فما الفائدة في الإعادة؟
والجواب: المراد بإيتاء الزكاة الواجبات.
وبهذا الإقراض الصدقات المندوبة، وخصها بالذكر تنبيهًا على شرفها وعلو مرتبتها.
قال الفرّاء: ولو قال: وأقرضتم الله إقراضًا حسنًا لكان صوابًا أيضًا إلا أنه قد يقام الاسم مقام المصدر، ومثله قوله: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37] ولم يقل يتقبل، وقوله: {وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} ولم يقل إنباتًا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
قوله جلّ ذكره: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهمُ اثْنَى عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ}.
يذكرهم حُسْنَ أفضاله معهم، وقبح «فعلهم» في مقابلة إحسانه بنقضهم عهدهم.
وعرف المؤمنين- تحذيرًا لهم- ألا ينزلوا منزلتَهم فيستوجبوا مثل ما استوجبوه من عقوبتهم.
قوله جلّ ذكره: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ}.
أي لئن قمتم بحقي لأوصلن إليكم حظوظكم، ولئن أجللتم أمري في العاجل لأجِلَّن قَدْرَكم في الآجل.
وإقامة الصلاة أن تشهد مَنْ تعبده، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعْبد اللهَ كأنَّكَ تراه».
ويقال إقامة الصلاة شرطها أَنْ تُقْبِلَ على ما مَنْ تناجيه بأن تستقبل القُطْرَ الذي الكعبة فيه.
وأمَّا إيتاء الزكاة فحقُّه أن تكسب المال من وجه، وتصرفه في حقه، ولا تمنع الحق الواجب فيه عن أهله، ولا تؤخر الإيتاء عن وقته، ولا تُحْوِج الفقير إلى طلبه فإنَّ الواجبَ عليكَ أن توصل ذلك إلى مستحقه.
وتعزير الرسل الإيمان بهم على وجه الإجلال، واعتناق أمرهم بتمام الجد والاستقلال، وإيثارهم عليك في جميع الأحوال.
قوله جلّ ذكره: {وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا}.
الأغنياء ينفقون أموالهم في سبيل الله، والفقراء يبذلون مهجَتهم وأرواحَهم في طلب الله، فأولئك عن مائتي درهم يُخْرِجُونَ خَمْسَة، وهؤلاء لا يدخرون عن أمره نَفَسًا ولا ذرَّة.
قوله جلّ ذكره: {لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ولأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}.
التكفير هو الستر والتغطية، وإنه يستر الذنوب حتى عن العاصي فيمحو من ديوانه، وينسِي الحَفظَة سوالف عصيانه. وينفي عن قلبه تذكر ما أسلفه، ولا يوفقه في العرصة على ما قَدَّم من ذنبه، ثم بعد ذلك يدخله الجنة بفضله كما قال: {وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، كما قيل:
ولما رضوا بالعفو عن ذي زلة ** حتى أنالوا كفَّه وازدادوا

قوله جلّ ذكره: {فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
فَمَنْ جَحَدَ هذه الأيادي بعد اتضاحها فقد عَدَلَ عن نَهْجِ أهل الوفاء، وحاد عن سَنَنِ أصحاب الولاء. اهـ.

.من فوائد ابن عطية في الآية:

قال رحمه الله:
هذه الآيات المتضمنة الخبر عن نقضهم مواثيق الله تعالى تقوي أن الآية المتقدمة في كف الأيدي إنما كانت في أمر بني النضير، واختلف المفسرون في كيفية بعثة هؤلاء النقباء بعد الإجماع على أن النقيب كبير القوم القائم بأمورهم الذي ينقب عنها وعن مصالحهم فيها، والنقاب الرجل العظيم الذي هو في الناس كلهم على هذه الطريقة ومنه قيل في عمر: إنه كان لنقابًا، فالنقباء قوم كبار من كل سبط تكفل كل واحد بسبطه بأن يؤمنوا ويتقوا الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ونحو هذا كان النقباء ليلة بيعة العقبة مع محمد صلى الله عليه وسلم، وهي العقبة الثالثة بايع فيه سبعون رجلاَ وامرأتان فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم إسرائيل أمناء على الاطلاع الجبارين والسبر لقوتهم ومنعتهم فساروا حتى لقيهم رجل من الجبارين فأخذهم جميعًا فجعلهم في حجزته.
قال القاضي أبو محمد: في قصص طويل ضعيف مقتضاه أنهم اطلعوا من الجبارين على قوة عظيمة وظنوا أنهم لا قبل لهم بهم فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك عن بني إسرائيل وأن يعلموا به موسى عليه السلام ليرى فيه أمر ربه فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل خان منهم عشرة فعرفوا قراباتهم ومن وثقوه على سرهم ففشا الخبر حتى اعوج أمر بني إسرائيل وقالوا اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، وأسند الطبري عن ابن عباس قال: النقباء من بني إسرائيل بعثهم موسى لينظروا إلى مدينة الجبارين فذهبوا ونظروا فجاءوا بحبة من فاكهتهم وقر رجل فقالوا: اقدروا قدر قوم هذه فاكهتهم فكان ذلك سبب فتنة بني إسرائل ونكولهم، وذكر النقاش أن معنى قوله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا} أي ملكًا وأن الآية تعديد نعمة الله عليهم في أن بعث لإصلاحهم هذا العدد من الملوك قال فما وفى منهم إلا خمسة داود عليه السلام وابنه سليمان وطالوت وحزقيا وابنه وكفر السبعة وبدلوا وقتلوا الأنبياء وخرج خلال الاثني عشر اثنان وثلاثون جبارًا كلهم يأخذ الملك بالسيف ويعيث فيهم والضمير في {معكم} لبني إسرائيل جميعًا ولهم كانت هذه المقالة وقال الربيع: بل الضمير للاثني عشر ولهم كانت هذه المقالة.
قال القاضي أبو محمد: والقول الأول أرجح و{معكم} معناه بنصري وحياطتي وتأييدي واللام في قوله: {لئن} هي المؤذنة بمجيء لام القسم ولام القسم هي قوله: {لأكفرن} والدليل على أن هذه اللام إنما هي مؤذنة أنها قد يستغنى عنها أحيانًا ويتم الكلام دونها ولو كانت لام القسم لن يترتب ذلك، وإقامة الصلاة توفية شروطها و{الزكاة} هنا شيء من المال كان مفروضًا فيما قال بعض المفسرين ويحتمل أن يكون المعنى وأعطيتم من أنفسكم كل ما فيه زكاة لكم حسبما ندبتم إليه وقدم هذه على الإيمان تشريفًا للصلاة والزكاة وإذ قد علم وتقرر أنه لا ينفع عمل إلا بإيمان، وقرأ الحسن بن أبي الحسن {برسْلي} ساكنة السين في كل القرآن.
{وعزرتموهم} معناه وقرتموهم وعظمتموهم ونصرتموهم ومنه قول الشاعر:
وكم من ماجد لهم كريم ** ومن ليث يعزر في الندى

وقرأ عاصم الجحدري {وعَزرتموهم} خفيفة الزاي حيث وقع وقرأ في سورة الفتح {وتَعزوه} بفتح التاء وسكون العين وضم الزاي، وقد تقدم في سورة البقرة تفسير الإقراض، وتكفير السيئات تغطيتها بالمحو والإذهاب فهي استعارة و{سواء السبيل} وسطه ومنه {سواء الجحيم} [الصافات: 55] ومنه قول الأعرابي قد انقطع سوائي، وأوساط الطرق هي المعظم اللاحب منها، وسائر ما في الآية بيّن والله المستعان. اهـ.

.من فوائد ابن كثير في الآية:

قال رحمه الله:
لما أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه، الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالقيام بالحق والشهادة بالعدل، وذكرهم نعَمَه عليهم الظاهرة والباطنة، فيما هداهم له من الحق والهدى، شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين: اليهود والنصارى، فلما نقضوا عهوده ومواثيقه أعقبهم ذلك لعنًا منه لهم، وطردا عن بابه وجنابه، وحجابا لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع والعمل الصالح، فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} يعني: عُرَفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع، والطاعة لله ولرسوله ولكتابه.
وقد ذكر ابن عباس ومحمد بن إسحاق وغير واحد أن هذا كان لما توجه موسى، عليه السلام، لقتال الجبابرة، فأمر بأن يقيم النقباء، من كل سبط نقيب- قال محمد بن إسحاق: فكان من سبط روبيل: «شامون بن زكور»، ومن سبط شمعون: «شافاط بن حُرّي»، ومن سبط يهوذا: «كالب بن يوفنا»، ومن سبط أبين: «فيخائيل بن يوسف»، ومن سبط يوسف، وهو سبط أفرايم: «يوشع بن نون»، ومن سبط بنيامين: «فلطمى بن رفون»، ومن سبط زبلون «جدي بن سودى»، ومن سبط يوسف وهو منشا بن يوسف: «جدي بن سوسى»، ومن سبط دان: «حملائيل بن جمل»، ومن سبط أسير: «ساطور بن ملكيل»، ومن سبط نفتالي «نحى بن وفسى»، ومن سبط جاد: «جولايل بن ميكي».
وقد رأيت في السفر الرابع من التوراة تعداد النقباء على أسباط بني إسرائيل وأسماء مخالفة لما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم، قال فيها: فعلى بني روبيل: «الصوني بن سادون»، وعلى بني شمعون: «شموال بن صورشكي»، وعلى بني يهوذا: «يحشون بن عمبيا ذاب» وعلى بني يساخر: «شال بن صاعون»، وعلى بني زبلون: «الياب بن حالوب»، وعلى بني يوسف إفرايم: «منشا بن عمنهود»، وعلى بني منشا: «حمليائيل بن يرصون»، وعلى بني بنيامين: «أبيدن بن جدعون»، وعلى بني دان: «جعيذر بن عميشذي»، وعلى بني أسير: «نحايل بن عجران»، وعلى بني حاز: «السيف بن دعواييل»، وعلى بني نفتالي: «أجزع بن عمينان».